إيڤينت “حدوتة”.. علي صالح وعلاء الدين يدمجان الأدب بالموسيقى في تجربة فنية غير مسبوقة
✍️ إعداد: فريق التحرير
في زمنٍ تتسارع فيه الخطوات وتغيب فيه التفاصيل، يطلّ مشروع فني جديد ليعيد للجمهور شغف الحكاية وجمال الكلمة، لكن هذه المرة بصوتٍ يُروى، ولحنٍ يُغنّى، ومشهدٍ يُعاش.
إنه “حدوتة” — التجربة التي أطلقها كلٌّ من الروائي علي صالح محمد والفنان علاء الدين (أحمد علاء)، لتصبح واحدة من أبرز التجارب الثقافية المعاصرة التي تمزج بين الأدب والموسيقى في عرض تفاعلي متكامل، يلتقي فيه الخيال بالواقع، والسرد بالأنغام.
✒️ علي صالح محمد.. أدب النفس والخيال
وُلد الكاتب والروائي علي صالح محمد في حي الجمالية العريق عام 1997، ذلك الحي الذي أنجب كبار الأدباء والمبدعين. منذ طفولته، كان مولعًا بعوالم نجيب محفوظ، ومتأثرًا بعمق التحليل النفسي لدى دوستويفسكي، وبفلسفة شوبنهاور حول الإنسان والحياة.
انعكس هذا التنوّع الفكري بوضوح في أعماله التي تجمع بين الدراما النفسية، والخيال الواقعي، والتأمل الفلسفي، ليقدّم من خلالها أدبًا حديثًا يلامس جوهر النفس البشرية.
أصدر علي حتى الآن ثلاث روايات متتالية:
-
“عازف الليل” (2022): رواية نفسية تمزج بين الواقع والحلم، وتستكشف أعماق الذات البشرية في صراعها مع الخوف والوحدة. نالت إعجاب القراء لما تحمله من رموز فلسفية ولغة شاعرية.
-
“بريد العتبة” (2023): عمل درامي تأملي، يجمع بين الغموض والسخرية الاجتماعية، ويكشف الوجه الآخر للحياة اليومية في المدينة. رُشحت ضمن أفضل الإصدارات في معارض الكتاب المحلية.
-
عمله الثالث (قيد الإعداد): وهو مشروع روائي جديد يُنتظر أن يصدر قريبًا، حيث يستمر علي في طرح الأسئلة الوجودية الكبرى بأسلوب أكثر عمقًا وتجريبًا.
بعيدًا عن الرواية، يُعرف علي بشغفه بالأدب العالمي وتعلّم اللغات، مؤمنًا بأن اللغة ليست أداة للتعبير فقط، بل جسرٌ نحو العوالم والثقافات المختلفة، وأن المبدع الحقيقي هو من يستمع للعالم بلغاته كلها.
🎶 علاء الدين (أحمد علاء).. حين تتحول الكلمة إلى لحن
أما الفنان علاء الدين – الاسم الفني للمبدع أحمد علاء – فهو صوتٌ موسيقيٌّ جديد يعبّر عن جيلٍ يبحث عن الصدق في الفن.
بدأ رحلته بين الشعر والغناء، فكتب، وغنّى، ولحّن، حتى وجد طريقه الخاص إلى قلوب الناس. شارك في مسابقات موسيقية أبرزها “موسنتير مزيكا”، حيث لفت الأنظار بموهبته المتفرّدة في صياغة اللحن من روح الكلمة لا من نغمتها فقط.
يمتاز علاء الدين بأسلوب بسيط في ظاهره، عميق في جوهره، إذ يرى أن الأغنية ليست مجرد لحنٍ يُطرب، بل “حدوتة صغيرة” يعيشها المستمع، ويجد فيها نفسه ومشاعره.
ومن هنا، وجد في الأدب ضالته، فالتقت كلماته بأفكار علي صالح، ليبدأ الاثنان مشروعًا يُعيد الفن إلى مكانته الأولى: حكاية تُروى من القلب إلى القلب.
🌙 “حدوتة”.. المسرح يعود ليحكي من جديد
انبثقت فكرة “حدوتة” من لقاءٍ فني جمع بين علي وعلاء، اتفقا فيه على تحويل النصوص الأدبية إلى تجربة مسرحية موسيقية تفاعلية، حيث يُقدَّم كل فصل من الحكاية على المسرح بصوت الراوي، يتبعه مشهد موسيقي غنائي يعكس روح الفصل ويترجم معانيه الخفية.
في هذا العرض، لا يكون الجمهور مجرد متفرّج، بل شريكًا في الحكاية، يعيش تطوّر الشخصيات ويتفاعل مع مشاعرها من خلال الموسيقى الحيّة التي ترافق السرد الأدبي.
وقد بدأت عروض “حدوتة” من الساحل الشمالي والغردقة، حيث لاقت تفاعلًا واسعًا من الجمهور الذي وصف التجربة بأنها:
“حكاية تُغنّى وموسيقى تُحكى.”
وتستعد الفرقة حاليًا للانتقال إلى مدينة دهب، لتقديم سلسلة من العروض هناك حتى نهاية ديسمبر المقبل، في أجواء بحرية ساحرة تجمع بين الطبيعة والفن والحلم.
🎤 بين الرواية واللحن.. يولد الفن من جديد
مشروع “حدوتة” لا يُعد مجرد فعالية فنية عابرة، بل هو منصة ثقافية جديدة تعيد صياغة العلاقة بين الأدب والموسيقى، وتطرح سؤالًا جوهريًا:
هل يمكن للكلمة أن تُغنّى؟ وهل يمكن للّحن أن يروي قصة؟
الإجابة جاءت من خلال هذا العرض، الذي يُثبت أن الفن حين يلتقي بالإبداع الصادق، يولد شكلٌ جديد من الجمال.
الثنائي علي صالح وعلاء الدين يقدّمان نموذجًا نادرًا للتعاون بين الكاتب والموسيقي، ليؤكدا أن الفن ليس منافسة، بل شراكة في الحلم والخلق والإلهام.
🌟 كلمة أخيرة
في “حدوتة”، يعود المسرح ليحكي، وتعود الحكاية لتُغنّى.
إنها تجربة مصرية خالصة، تستحق التقدير والدعم، لأنها لا تقدم مجرد عرض، بل تقدّم رؤية فنية متكاملة تقول إن الكلمة ما زالت قادرة على أن تُدهشنا، والموسيقى ما زالت قادرة على أن تلمس فينا الإنسان.